
الذرائع الإسرائيلية ضد مصر: ستار دخاني لأهداف خفية

محمد ناجي الهميس
أمد/ لم يعد خافيًا أن الكيان الصهيوني دأب على اختلاق الذرائع والمبررات الاستباقية لتبرير سياساته العدوانية في المنطقة، وها هو اليوم يوجّه سهامه نحو مصر، الدولة العربية الأكبر والأكثر تأثيرًا في محيطها. هذه الاتهامات ليست بريئة ولا عفوية، بل هي جزء من استراتيجية إسرائيلية طويلة الأمد تسعى من خلالها إلى التحرش بدول المنطقة، وخلق أجواء من التوتر الدائم تمهيدًا لتحقيق مكاسب سياسية وأمنية.
إن هذه الذرائع الموجهة ضد مصر تأتي في وقت شديد الحساسية، حيث تتصاعد الأحداث في غزة وتزداد عزلة الاحتلال أمام الرأي العام الدولي. فبدلًا من أن يراجع سياساته ويوقف جرائمه بحق الفلسطينيين، يفتعل ذرائع ضد الدول العربية الكبرى في محاولة لتحويل الأنظار عن جرائمه، وجرّ المنطقة إلى أزمات جانبية تصب في مصلحته.
الأهداف الخفية وراء هذه الحملة واضحة: إنها محاولة لابتزاز مصر، وتقليص دورها التاريخي كفاعل رئيسي في الملف الفلسطيني وفي قضايا الإقليم. فالاحتلال يدرك أن القاهرة تمثل ثقلًا استراتيجيًا، وأن أي انحياز منها أو حتى حياد فاعل يشكل تهديدًا لمخططاته. لذا يحاول دائمًا التشكيك في دورها، والتقليل من مكانتها، وجرها إلى معارك إعلامية وسياسية تُرهقها وتُضعف حضورها.
هذه الممارسات ليست سوى حلقة جديدة في السلسلة الإسرائيلية المعتادة لاستهداف دول المنطقة: من إيران إلى اليمن وقطر وسوريا ولبنان، وها هي مصر تنضم إلى القائمة. كلها تأتي في إطار سياسة إسرائيلية قائمة على إشغال الجوار العربي والإسلامي بصراعات مفتعلة، بينما تستمر في مشروعها الاستيطاني والعدواني بلا رقيب أو حسيب.
إن ما تسعى إليه إسرائيل في نهاية المطاف هو فرض معادلة جديدة تجعلها اللاعب الأقوى بلا منازع، عبر إضعاف كل قوة إقليمية قادرة على موازنتها. لكنها تتناسى أن التاريخ يثبت دومًا أن الشعوب والدول التي تتعرض للابتزاز والضغط الممنهج، سرعان ما تتحول هذه الضغوط إلى دافع للمقاومة والصمود.
على مصر، وعلى بقية دول المنطقة، أن تدرك أن هذه الذرائع ليست مجرد تصريحات عابرة، بل هي مقدمات لمشاريع أوسع تستهدف استقرار المنطقة ووحدة شعوبها. والرد الأمثل على هذه السياسات هو تعزيز الصف الداخلي، وتوسيع دائرة التعاون العربي والإسلامي، وقطع الطريق أمام أي محاولة صهيونية لزرع الفتنة أو إشغال المنطقة بمعارك جانبية.